Close

حول المشروع

اسمي محمد الحموي. كاتب ومصور سوري, أعيش حاليا في مصر. نشرت 4 كتب ابتداء من عام 2005, وأقمت معرضين فوتوغرافيين الأول في مصر والثاني في الولايات المتحدة الأمريكية. اهتمامي بالفن الإسلامي بدأ عندما كنت طفلا حيث ذهبت بصبحة أبي إلى المسجد الأموي الكبير في دمشق..  وهو مسجد قديم يعود إلى الحقبة الأموية 715 م ويعتبر أول صرح معماري إسلامي حقيقي في الدولة الإسلامية. ويحتوي في داخله على مدفن يوحنا المعمدان, ومنه انطلق الطراز الإسلامي فعليا في العمارة.
عندما دخلت هالني الاتساع الناجم عن الانفتاح المفاجئ بعد البوابة الضخمة والمدخل المليء بالأعمدة, ذلك الاتساع الذي يجعل الإنسان ضئيلا جدا مقارنة بمساحة كبيرة وفضاء واسع. أذكر كم فرحت عندما أفلتّ من يد أبي لأركض بأمان في باحة المسجد الكبيرة دون أن يكون هناك أي حد بالقرب مني. ركضت خلف أسراب الحمام الدمشقي الذي يسكن في قباب المسجد القرميدية السوداء, ثم وقفت بجانب العمود الضخم ونظرت إلى فوق فغرقت في العمق العلوي.. وشدتني الفسقية الكبيرة في المنتصف مع أيدي المتوضئين وكم تمنيت يومها أن أغطس في البحيرة وأسبح وألعب بالماء كما تفعل أسراب الحمام عادة بعد ذهاب المصلين.

خلال حياتي لم يكن يشدني عادة المسجد الاعتيادي المبني بروح العصر بل كان دائما هناك سحر عميق في المسجد القديم, سكينة وهدوء وانعتاق من المجتمع وما يحمل من ضغوط حياتية يومية.

بدأ اهتمامي الحقيقي بالفن الإسلامي كأصول وفلسفة عندما وجدت خالي وهو فنان تشكيلي سوري يترك توجهاته الفنية السابقة التي قضى فيها حوالي 40 عاما ليبدأ شغفه المفاجئ بالخط العربي, ومنه نحو العمارة والزخرفة الإسلامية وأصولها وفلسفتها..

في ذلك الوقت بدأنا أنا وهو مشروعا متأنيا لتأليف كتاب عن الفن الإسلامي ضمن ترجمات من اهتموا به من فلاسفة الغرب وفنانيه كالألمانية آنا ماري شيمل وغيرها.

وفعلا بدأ المشروع بقراءات مستمرة في فلسفة هذا الفن ومعانيه وأساليبه, ثم اضطررنا للتوقف نتيجة الظروف القاهرة في سورية وافتراقنا الإجباري.. وتجمد المشروع حاليا للأسف.

كنت قد جمعت خلال ذلك بعض الصور في دمشق: خارجيا في المساجد والأسواق, وداخليا ضمن البيوت الدمشقية التي تعتبر من أسرار وكنوز المدينة القديمة والتي بنيت انطلاقا من فلسفة معمارية وجمالية متأثرة بالمفاهيم الإسلامية المهتمة بحياة الأسرة وأسلوب حياتها, والتي أنتجت أساليب معمارية منسجمة انسجاما تاما مع المناخ ومسايرة لمكونات وعناصر الطبيعة ومحققة للهدوء والخصوصية والاتساع والحماية والشكل الجميل المتمثل بالنوافذ الكثيرة الكبيرة والزجاج الملون والحجارة الملونة بالتناوب مابين الأبيض والأسود والأصفر, والفناء المفتوح على السماء الذي تتوسطه فسقية (نافورة) جميلة تحيط بها أشجار مثمرة من كل جانب كأشجار الحمضيات ونباتات ذات رائحة جميلة كالياسمين الدمشقي وغيره, تلك البيوت تشبه فردوسات صغيرة خاصة بكل أسرة مهما كان حالها المادي, سواء كانت أسرة غنية أم فقيرة.

وقد قمت في 2011 بجولة فوتوغرافية لابأس بها في عدد من البيوت الدمشقية العريقة كان حصيلتها مشروع نفذته يحتوي على دراسة مبسطة تتحدث عن تفاصيل البيت العربي وأقسامه المتعددة ووظائف كل قسم وطرق تصميمه مترافقة مع صور توثيقية شاملة, وقد تم تنفيذ المشروع على كالندر في عام 2012 أيضا حيث وزعت في دمشق وفي بعض الدول العربية.

انتقلت بعدها إلى مصر لأكمل مجموعتي التي توسعت هناك ضمن غنى التاريخ المصري بالآثار الإسلامية, ثم نضجَتْ أكثر بعد زيارتي لاسطنبول وتصويري للجامع الأزرق وبعض الأماكن الأخرى.

مع ذلك مازلت أعتبر مجموعتي حتى الآن في بدايتها, ومازلت أسعى لإكمالها بجولة واسعة (كما آمل) في تونس والمغرب وإسبانيا والعودة إلى تركيا لاستكمال المجموعة.

بعد انتهاء معرضي الثاني (24 ثانية في أماكن مقدسة) الذي أقيم في جامعة فالبريسو في الولايات المتحدة وبعد المحاضرة التي ألقيتها خلال المعرض عن الفن الإسلامي وما رأيت من إقبال الغرب عليه وفضولهم للتعرف على فنون الشرق العربي المسلم.. قررت جمع وتوثيق كل ما لدي من أرشيف وإطلاقه في هذا الموقع كي أضمنه تجربتي وتأملاتي حول الفن الإسلامي ولكن كمراقب وقارئ ومتأمل ومصور لا كباحث مختص.

هي حجرة أو صالون أكثر من أي شيء آخر, صالون يسمح لك بالاسترخاء والتأمل والقراءة والمقارنة كي تعرف أكثر عن هذا الفن.

لقد ضمنت الموقع أكثر من 500 صورة التقطتها منذ أكثر من عشرة أعوام تقريبا, مع العديد من المقالات والمقولات الموثقة والكتب التي تشرح فلسفة الفن الإسلامي وأنواعه والزخرفة والعمارة والمآذن والبيوت الدمشقية .. الخ.

أرجو أن يستمتع زائر الموقع بتجربة فنية مختلفة تفتح له بابا نحو فن غني بالتجريد, وتتيح له الفرصة للتعمق أكثر في هذا الفن الفريد.